التحول من اقتصاد مبني على الناتج المحلي إلى اقتصاد الرفاه

أتذكّر أول مرة سمعت مصطلح الناتج المحلي GDP، تساءلت !
هل الناتج المحلي يخبرنا إن كان الناس سعداء أم هو مجرد مؤشر اقتصادي ؟
كيف يمكن أن يكون اقتصاد دولة في أعلى نمو، لكن مواطنيها يعانون من التوتر، الفقر، أو تلوث بيئي خانق؟
ربما يكون هذا التساؤل أيضا هو المدخل للنقاش العالمي حول التحول من اقتصاد مبني على الناتج المحلي (GDP) إلى اقتصاد الرفاه (Wellbeing Economy)
هذا التحول في المفهوم يعني أن الاقتصاد لا يجب أن يُقاس فقط بما ننتجه أو نستهلكه، بل بما نعيشه ونشعر به:
- هل هناك عدالة في توزيع الفرص والموارد؟
- هل يحظى الناس بكرامة ومشاركة حقيقية؟
- هل يحترم الناس البيئة، وهل موارد الطبيعة محفوظة لأجيال قادمة؟
- هل يعيش الناس حياة ذات معنى وغرض؟
الإجابة على هذه التساؤلات توضح أهمية مفهوم اقتصاد الرفاه (Wellbeing Economy)، الذي يغيّر زاوية الرؤية للاقتصاد ومؤشراته من مجرد النمو الكمي إلى جودة الحياة.
🌍 هذا التوجه تدعمه مؤسسات كبرى مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية The Organisation for Economic Co-operation and Development (OECD) عبر مبادئها حول “الحياة الجيدة”، وحركات عالمية مثلWellbeing Economy Governments (WEGo) التي تضم دولًا مثل اسكتلندا، نيوزيلندا، آيسلندا، حيث أعادت صياغة سياساتها العامة بما يركز على الصحة النفسية، العدالة الاجتماعية، وحماية البيئة.
في بلدان مثل نيوزيلندا، تم إطلاق “موازنة الرفاه” التي خصصت الإنفاق لأولويات مثل الصحة النفسية والحد من الفقر بدل التركيز فقط على النمو.
وفي اسكتلندا، أصبحت مؤشرات الرفاه جزءًا من قياس نجاح السياسات، إلى جانب الأرقام الاقتصادية.
أهمية هذا التحول في الفهم والقياس ليست مجرد البحث في الأرقام فقط، بل في الأثر على البشر.
إنها تخبرنا عن طفل ينشأ في بيئة صحية (الصحة والسعادة)، وعن شاب يجد فرصته في التعليم والعمل (الأجيال)، وعن مجتمع يشعر بالأمان والانتماء(الثقة)، وعن اقتصادات resilient قادرة على مواجهة الأزمات (مثل جائحة كورونا).
✨ هذا هو جوهر “اقتصاد الرفاه”… أن يخدم الاقتصاد الإنسان، لا أن يخدم الإنسان الاقتصاد، الاقتصاد ليس غاية بحد ذاته، بل وسيلة لحياة كريمة.